آخر الأحداث والمستجدات 

أطفال الأحياء الشعبية بمكناس يحتمون بالنقط المائية

أطفال الأحياء الشعبية بمكناس يحتمون بالنقط المائية

تعد مكناس من المدن المغربية التي تعيش فصلين متناقضين في الموسم الواحد، فصل بارد ومطير، وآخر حار ومشمس، لذلك، ما إن تبزغ شمس الأخير الحارقة، حتى تطفق جل الأسر المغربية في إعداد العدة وجمع الحقائب والأمتعة لشد الرحال إلى أماكن الاصطياف ونقط الاستجمام، التي تكون قد اختارتها مسبقا ضمن مخططها السنوي، بهدف الاغتسال مما علق بالنفوس من متاعب، وما لحقها من أدران. فهناك من يوثر اتخاذ المدن الساحلية بشواطئها الجميلة ورمالها الذهبية أماكن لقضاء أيام العطلة، التي قد تطول أو تقصر، حسب الميزانية المرصودة لذلك.

وهناك من يمني النفس بارتياد المناطق الجبلية للاستمتاع بهوائها النقي، والتفيؤ بظلال أشجار غاباتها الوارفة. وهناك من يقصدون الأحباب والأقارب، ترسيخا لفحوى المثل المغربي الدارج "حجة وزيارة". وثمة فئة أخرى تجبرها إكراهات متعددة، في مقدمتها "قلة ذات اليد"، على البقاء في بيوتها، وكأنها غير معنية تماما بالإجازة السنوية.

تعددت النقط والهدف واحد

كلما حل يوم جديد من أيام الصيف، تجد المئات من أطفال الأحياء الشعبية والهامشية بمكناس، يسارعون إلى الاحتماء من الحر بالنقط المائية بالمدينة. فمنهم من يقصد المسابح العمومية، بغرض الارتماء في أحواضها المكتظة، كالمسبح البلدي ببوعماير، التي تم تشييده في عهد الحماية الفرنسية، ومعه مسبح السلم، الكائن بعين معزة. وهما المسبحان اللذان يستقطبان أعدادا كبيرة، لسبب بسيط هو تحديد سعر تذكرة الولوج إليهما، ما بين 5 و7 دراهم للفرد الواحد. ومنهم من يحاول التخفيف من وطأة الحرارة المرتفعة، التي وصلت في الأيام الأخيرة إلى درجات قياسية، بالارتماء في أحضان النافورات، خاصة تلك الواقعة بالقرب من ساحة "لاكورا"، مع ما يصاحب هذه العملية من أخطار ومتاعب، حيث غالبا ما يتعرض مرتادو هذه النافورة الضخمة إلى حملات طرد، سواء من قبل عناصر شرطة المرور، أو من طرف بعض الأشخاص، الذين يعمدون في بعض الأحيان إلى استخدام العنف لصد "المستحمين" عن مسبحهم المفضل. لذلك، فإن ضريبة السباحة في النافورة قد تكلف صاحبها غاليا، خصوصا إذا ما علمنا وجود الأخيرة وسط مفترق ثمانية طرق.

الأخطار المحدقة بجحافل الباحثين عن النقط المائية بمدينة "باب منصور لعلج" لا تخص عشاق النافورات فقط، بل يشاركهم فيها كذلك بعض أطفال أحياء بني امحمد والسباتا والقصبة وأكدال، الذين أبوا إلا أن يحولوا "صهريج السواني"، الواقع في النفوذ الترابي لجماعة المشور الستينية، إلى مسبح أثري بامتياز، غير آبهين بعلامة منح السباحة والصيد به، ولا حتى يتلوث مياهه.

شتان ما بين ليل مكناس ونهاره

 "لا طير يطير، ولا وحش يسير"، إنه المثل الشعبي الذي ينسحب على نهار العاصمة الإسماعيلية، التي تكاد تكون شوارعها وطرقها وأزقتها "زنكة زنكة"، شبه خالية من المارة، اللهم إذا استثنينا من أجبرتهم الحاجة الملحة على الخروج والتعرض للفحات الشمس الحارقة. وعلى النقيض من ذلك، تشهد المدينة في الفترة الليلية حركة دؤوبة، حيث تختنق حركة المرور، وتعج الشوارع والحدائق والساحات بمختلف الشرائح والفئات العمرية. في الوقت الذي تفضل بعض النساء افتراش عتبات البيوت والمنازل هربا من جحيم حرارتها المرتفعة، التي لا تضاهيها إلا حدة الزيادات الصاروخية في المحروقات والمواذ الغذائية، ما يحولها (البيوت) إلى أفرنة بكل ما تحمله الكلمة من معنى ومدلول، علما أن جل هذه البيوت، إن لم نقل جميعها، لا تتوفر على مكيفات الهواء. وأمام هذا الوضع يلجأ البعض إلى المبيت فوق "السطوح"، طمعا في هبة نسيم تجود بها السماء.

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : خـلـيـل الـمـنـونـي
المصدر : هيئة تحرير مكناس بريس
التاريخ : 2012-08-28 18:48:17

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إعلانات 

 إنضم إلينا على الفايسبوك